مانع سعيد العتيبة: شاعر الإمارات

مانع سعيد العتيبة: شاعر الإمارات اللامع

مقدمة

يُعدُّ مانع سعيد العتيبة من أبرز الشعراء الإماراتيين الذين أسهموا في إثراء الساحة الشعرية العربية بنتاجه الأدبي الغني والمتنوع. يعدُّ من الشعراء الذين جمعوا بين الأصالة والتجديد في قصائدهم، وحافظوا على الهوية الثقافية الإماراتية والعربية في آنٍ واحد. لطالما كانت قصائده تُعبّر عن قضايا وطنية، اجتماعية، وإنسانية، وتُعدُّ مرآة حية للتغيرات التي شهدها المجتمع الإماراتي في مراحل تطوره المختلفة.

النشأة والتكوين

وُلد مانع سعيد العتيبة في دولة الإمارات العربية المتحدة في إمارة أبوظبي في عام 1946. نشأ في بيئة ثقافية وشعرية حاضنة، فكان والده من الأعيان الذين اهتموا بتربية أبنائهم على القيم العربية الأصيلة. هذا التراث الثقافي كان له الأثر الكبير في تكوين شخصيته الأدبية منذ صغره، إذ بدأ يُظهر اهتمامًا بالشعر وحبًا للكلمة منذ مراحل مبكرة من حياته.

تعلم العتيبة في مدارس إماراتية، حيث تأثر بالبيئة الصحراوية التي نشأ فيها، وبالقصائد التي كان يسمعها في المجالس والأمسيات الشعرية، مما ساعد على تنمية قدراته الشعرية. ورغم تخرجه في مدارس الإمارات، إلا أنه كان دائمًا حريصًا على متابعة الأدب العربي الكلاسيكي والحديث، وكان يُظهر شغفًا خاصًا بفن الشعر.

مسيرته الأدبية

بدأت مسيرة مانع سعيد العتيبة الشعرية بشكل مبكر في ستينات القرن الماضي، حيث كان يُلقي قصائده في الحفلات الشعرية والمناسبات الوطنية. ومع مرور الوقت، أصبح له اسمٌ بارز في الساحة الشعرية الإماراتية والعربية.

لقد سطر العتيبة العديد من القصائد التي لاقت نجاحًا واسعًا واهتمامًا كبيرًا، وكان يُنظم شعره بأسلوبٍ فني مميز يعكس إبداعًا شعريًا فريدًا، حيث استطاع أن يمزج بين الفصحى والعامية ليصل إلى جمهور واسع من القراء والمستمعين. ولم يكن شعره محصورًا في موضوعات بعينها، بل كان يتناول مختلف جوانب الحياة الإنسانية والاجتماعية.

خصائص شعره

تميز شعر مانع سعيد العتيبة بالعديد من الخصائص التي جعلته واحدًا من الشعراء الذين أسهموا بشكل كبير في تطوير الشعر العربي المعاصر، وأبرز هذه الخصائص:

1. الاهتمام بالوطن: شكلت قضايا الوطن والعروبة والهوية العربية حجر الزاوية في العديد من قصائده. كان يعبّر عن حبه العميق للوطن الإماراتي وللعالم العربي بشكل عام، ويتناول في شعره الهويات الوطنية والتحولات الاجتماعية والسياسية.

2. الأسلوب البلاغي: تتميز قصائده بالقوة البلاغية واللغة الراقية التي استخدمها في تشكيل الصور الشعرية. كان يعبر عن الأفكار والمشاعر من خلال صور حية مؤثرة وبلاغة شعرية تلامس القلوب.

3. الموضوعية والمباشرة: يتسم شعر العتيبة بالمباشرة في طرح الموضوعات، مما يجعلها سهلة الوصول إلى الجمهور. لم تكن قصائده محاطة بالرمزية المعقدة أو التشبيهات المفرطة، بل كانت دائمًا قريبة من الواقع ومعبرة عن هموم الناس والمجتمع.

4. القصيدة الوطنية: غالبًا ما كانت قصائده تروي قصصًا عن الأبطال الوطنيين، وتخلّد بطولات الشعوب في مواجهة التحديات والمحن. من أشهر قصائده الوطنية “يا خليجنا” التي أصبح لها مكانة كبيرة في قلوب العرب.

5. الغنائية: غالبًا ما كان شعر العتيبة يتسم بالغنائية الجميلة، حيث كانت قصائده تُغنى وتُقرأ في العديد من المناسبات الأدبية والفنية، وتُعتبر من أجمل الأشعار التي تغنت بها بعض من أبرز الأصوات في العالم العربي.

أشهر أعماله

من أبرز أعمال مانع سعيد العتيبة القصائد التي لاقت صدى واسعًا في الأوساط الأدبية العربية. تتميز هذه الأعمال بالقوة الشعرية والتأثير البالغ في القلوب. من بين هذه الأعمال:

• قصيدة “يا خليجنا”: تعدُّ من أشهر القصائد الوطنية التي عبرت عن الوحدة الخليجية، وحملت في طياتها دعوة للمحافظة على استقرار دول الخليج وتأكيد روابط الأخوة بين شعوبها.

• قصيدة “حب الوطن”: تناول فيها العتيبة مفهوم حب الوطن والتضحية من أجل الأرض والمبادئ. تلامس القصيدة قلوب الأجيال الجديدة، وتدعوهم إلى الاعتزاز بالهوية الوطنية.

• قصيدة “أريد أن أكون معك”: من أروع القصائد العاطفية التي كتبها العتيبة، وتعكس الحنين العميق والحب الخالص الذي يظهر في أبياتها، ما جعلها تلامس قلوب الكثير من الناس.

تأثيره على الساحة الأدبية

أسهم مانع سعيد العتيبة بشكل كبير في تطور الشعر العربي المعاصر، خاصة في الإمارات والعالم العربي. كان له دور بارز في جعل الشعر جزءًا من الحياة اليومية، حيث كانت قصائده تُقرأ في الجلسات الأدبية والمنتديات الشعرية. ولقوة تأثيره، كان يُعتبر من أبرز شعراء الإمارات الذين رفعوا من شأن الشعر العربي الحديث.

لم تقتصر شهرة العتيبة على الإمارات فقط، بل انتشرت في باقي دول الخليج والوطن العربي. كما كان له العديد من المشاركات في المهرجانات الأدبية الدولية، حيث قدم شعره للعديد من الثقافات الأخرى في العالم. وبفضل تلك المشاركات، أصبح أحد أبرز الأسماء في الشعر العربي الحديث.

العتيبة بين الشعر والفكر

لا تقتصر أهمية مانع سعيد العتيبة على كونه شاعرًا فقط، بل كان له دور فكري مميز في ساحة الأدب العربي. فقد أظهر في قصائده فهمًا عميقًا للمجتمع والتغيرات التي تحدث فيه، وكان دائمًا يُحاول من خلال شعره أن يُثير الوعي بالقضايا الاجتماعية والثقافية، وهو ما جعل قصائده تتجاوز حدود الشعر لتكون بمثابة تجسيد للأفكار والمشاعر التي تهم المجتمع.

كما كان العتيبة مهتمًا بالعديد من القضايا الإنسانية مثل التسامح والعدالة، وعبر عن مواقفه الثابتة في العديد من القصائد التي تناقش هذه الموضوعات.

الاستقبال الجماهيري

حظي شعر مانع سعيد العتيبة بشعبية كبيرة بين جمهور المتذوقين للشعر في العالم العربي. فكان شعره بمثابة صوت صادق يعبر عن هموم الإنسان العربي، سواء في القضايا المحلية أو القضايا العالمية. وقد شعر المستمعون والقراء بعلاقة مباشرة مع قصائده التي كانت تعكس مواقفهم وآمالهم.

وقد تفاعلت العديد من الشخصيات الأدبية والفنية مع أشعار العتيبة، وتغنى بها الكثير من المطربين والموسيقيين في العالم العربي، مما زاد من مكانته الأدبية والشعبية.

الخاتمة

يعد مانع سعيد العتيبة أحد أعمدة الشعر العربي المعاصر، حيث استطاع أن يطبع بصمته بوضوح في عالم الشعر العربي. من خلال تنوع مواضيعه وثراء أسلوبه، أصبح العتيبة أحد الشعراء الذين لا يُمكن أن يُغفل دورهم في مسيرة الشعر العربي الحديث، ويظل اسمه يتردد في الأوساط الأدبية كمثال حي على الإبداع والتميز في التعبير عن القضايا الوطنية والإنسانية.

إبداعاته الشعرية المتنوعة جعلت منه نموذجًا يُحتذى به في ساحة الشعر، ومرجعًا مهمًا للباحثين والمهتمين بفن الشعر في الإمارات والعالم العربي.